المعادلة الصعبة.. ما هي "وصفة" النجاح في العمل للأمهات؟
كتبت-هبة خميس:
نسمع كثيراً عن نماذج ناجحة لسيدات رائدات أعمال امتلكن عملهن الخاص وتمكنن من إدراته بشكل جيد وتطويره ليناطح الكثير من الكيانات الإقتصادية وتصبح لهن العلامة التجارية الخاصة. لكننا إزاء سيدات مختلفات كونهن أمهات مسؤولات عن أطفال وبيت ليحققن تلك المعادلة الصعبة بين إدارة المنزل وإدارة الأعمال.
عقب تخرجها عملت "ياسمين رستم" مهندسة لليكور لعدة سنوات حتى أنجبت طفلها الأول واستعانت بمربية مقيمة في منزلها لتراعي الطفل فهي تزوجت في مدينة بعيدة عن أهلها فلم يكن هناك من تستعين به لإستضافة الطفل، لكنها بعد فترة قصيرة فوجئت بحملها في الابن الثاني "لما ابني التاني اتولد اكتشفت انه احتياجات خاصة فقررت أتفرغ في البيت له ولأخوه، لكن بعد فترة قصيرة بدأت أشتغل من البيت بين أوساط المعارف والأصحاب اللي عنده بيت محتاج يجدده أويشطبه".
بعد فترة قصيرة من عملها الحر، قررت ياسمين افتتاح مكتبها الخاص بفريق عمل كامل لتشطيبات بيوت بأكملها حتى استقر العمل بها لتكتشف أنها حملت في ابنها الثالث.
حينما علمت بحملها خشيت ياسمين أن يولد الطفل بمشاكل مثل شقيقه لكنه ولد دون أزمات؛ حينها بدأت الأم ترتيب أولويات حياتها؛ ففي الصباح تجهز ابنها الأكبر للمدرسة وتجهز طفليها الأصغر للحضانة وتذهب لمكتبها لمتابعة الأعمال‘ والتعامل مع العملاء للعودة للمنزل مع رجوع طفليها والتجمع لتناول الغذاء، دون أن تنسى لياقتهم البدنية "طول عمري رياضية ومدركة أهمية الرياضة علشان كدة كنت مهتمة انهم يمارسوا رياضة من صغرهم، لحد ما دلوقتي التلاتة أبطال جمهورية الحمد لله".
مع دخول طفليها الأصغر المدرسة فكان الابن الأوسط مع الأصغر بنظام الدمج، ما أدى لانتظام يوم الأم بين المدرسة ومكتبها والنادي للتمارين فكل ابن يمارس رياضة مختلفة، تمسك ياسمين بالرياضة جعل لكل ابن مكانة كبيرة فالأكبر بطل الجمهورية في ألعاب القوى وتخرج للتو من الجامعة، والأوسط في منتخب مصر للكاراتيه والابن الأصغر بطل الجمهورية بالكاراتيه.
تعتبر ياسمين قرارها القديم بفتح عملها الخاص هو القرار المناسب، بعد ما جنيت ذلك خلال تربيتها لأولادها وبالرغم من كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقها بين بيت وأطفال وفريق عمل إلا أن ذلك كان أفضل بالنسبة لها من عمل يقيد مواعيدها ويتحكم فيها ويحرمها الاستمتاع بالحياة مع أطفالها حتى كبروا وصاروا شباباً.
تجربة مختلفة مرت بها "بلسم محمد"، فبسبب دراستها الطب البيطري وتخصصها في مجال الرقابة الصحية على الأغذية والمصنعات قررت فتح مشروعها الخاص بتصنيع المجمدات والمصنعات بطريقة مختلفة "بعد تخرجي اشتغلت في شركات الأدوية لكن قررت اتخصص في الدراسات العليا في المجال دة لأنه مهم وبتعرف فيه على معايير عمل الأغذية المصنعة وكنت بزور شركات ومصانع كتير".
فور إنجابها لطفلتها منذ خمس سنوات لم تستطع الأم العودة للعمل بسبب ظروفه التي تتطلب منها زيارات متكررة للمصانع والكثير من الحركة بشكل رات أنه غير مناسب لكونها أم لطفلة رضيعة، فقررت "بلسم" البدء في مشروعها الخاص بصناعة تلك الأغذية من المجمدات والمصنعات بطريقة تجعلها صحية أكثر.
"اول حاجة فكرت فيها هي الأم اللي هتدخل المنتج اللي بعمله بيتها وهتقدمه لولادها، فبحكم إني أم صعب أدخل أكل مش مناسب لبنتي ومش واثقة فيه، فقررت اعتمد على كل العناصر الطبيعية الصحية علشان أطلع المنتج ويكون طعمه حلو"، جمعت "بلسم" مبلغاً صغيراً لتشتري الأدوات اللازمة لعملها وتبدأ في المشروع وهو تصنيع البرجر والبسطرمة واللانشون دون إضافة أي مواد كيميائية ضارة وأملاح صناعية وبسعر مناسب للجميع.
حينما بدأت "بلسم" في مشروعها انقسمت أسرتها ومعارفها لقسمين؛ أحدهما استنكر ترك الطب البيطري والعمل بالطبخ والقسم الآخر شجعها لثقتهم في نجاحها وجودة ما تقدمه، وبعد بدايتها وإطلاق صفحة تحمل اسمها فوجئت بردود الأفعال الجيدة تجاه منتجاتها لتقرر التوسع وزيادة الاصناف التي تقدمها حتى وصلت لقائمة كاملة من الأكل المحضر والمجمد والمصنعات "كنت بشتغل الأول لوحدي أنيم بنتي وأبدأ اعمل الشغل كله بعد ما تنام، لكن مع الوقت واحدة بواحدة بقيت أستعين بسيدات يشتغلوا معايا أمهات زيي".
مع الوقت زاد الطلب على المُنتج وجاءتها سيدات يرغبن في العمل، لذا تفكر "بلسم" منذ فترة في التوسع والترويج أكثر لمنتجاتها بعد أن صارت مسؤولة عن فريق كامل من السيدات يعملن وفقاً لمعاييرها التي تطبقها في صرامة من مكونات طعام ذات جودة عالية مع التخلي عن أي مواد صناعية.
على خلاف عمل البعض بنفس مجالهن قررت "مارينا محب" التخلي عن عملها كمهندسة ديكور ومصممة أثاث وهي المهنة التي عملت بها لسنوات فور تخرجها.
عقب ولادة طفلها خشيت مارينا من فكرة أن تعود لعملها وتترك طفلها بالحضانة خاصة مع انتشار العدوى بفيروس كورونا مع محاولاتها طوال الوقت للابتعاد عن التجمعات والكثير من الأماكن بسبب العدوى، شعرت مارينا وقتها بالعزلة التي أفقدتها الشغف وجعلتها موجهة كل تركيزها على الطفل الذي أكمل تواً عامه الأول "كانت فكرة مؤجلة من زمان اني افتح شغلي الخاص، وبسبب الأمومة وإني اتخليت عن فكرة العودة للشغل فكرت ان دي يمكن فرصتي اني أبدأ، كأن الأمومة دفعتني لدة".
تناقشت الشابة مع زوجها في الفكرة التي تبدأ بها مشروعها لتلاقي ترحيباً منه، لتدشن صفحتها الخاصة بتصميم الهدايا للزبائن، في البداية كانت تنزل مارينا لشراء مستلزماتها من الأسواق وترك طفلها رفقة والده وتبدأ خطوات البحث عن الكثير من المواد التي تحتاجها ثم العمل على التصاميم نفسها حتى تسليم الهدية للزبائن"أهلي اتفاجؤوا بالفكرة وتوقعوا اني أزهق لأني مهندسة وكانوا شايفين ضرورة رجوعي لشغلي، لكن أنا كنت مقتنعة ان مجالي مبقاش مناسب لكوني أم عايزة أقضي وقت طويل مع إبني وهو صغير"، لذلك استمرت مارينا في مشروعها دون التفات.
عن طريق مجموعات الأمهات على مواقع التواصل الاجتماعي روّجت مارينا لصفحتها لتلاقي الترحيب وتكثر الطلبات منها، ومع كثرة العمل على عاتقيها لم تستسلم فكانت تضع رضيعها بسريره للنوم لتعود لاستكمال عملها الذي تجد أنها أكثر حرية به دون وجود مدير يحدد لها ساعات عملها ويحرمها من وجودها مع طفلها في أجمل سنواته "كل هدية كنت بسلمها لعميل كنت بحط فيها مشاعري وجزء مني، وأكتر مرة اتأثرت بهدية بشتغل عليها كانت من أخت لأختها المريضة بسرطان الثدي لدعمها، حسيت اني جزء من مشاعري في الهدية اللي بشتغل عليها".
تحب مارينا عملها في الهدايا التي تمنحها الفرصة لمشاركة عملائها المشاعر والتأثر بالهدية التي تربط بين الأشخاص بصلات قوية وصلبة تجعلها طرفاً في كل ذلك وتستشعر أهمية أن تكون مسؤولة عن عملها الخاص الذي تحبه وفي نفس الوقت تراعي طفلها الصغير بكل طاقتها وحبها فتصير نموذج الأم التي ودت أن تصبح عليه.
فيديو قد يعجبك: