أزمة البن في مصر| صُناع القهوة بين "صعوبة الاستيراد" و"تغير المناخ"
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
- مارينا ميلاد:
قبل أسابيع من احتفال العالم بالقهوة في يومها العالمي الموافق 29 سبتمبر، تعاني مصر من قلة مخزونها من البن؛ لدرجة تصل إلى تهديد صناعة القهوة ما لم تحدث انفراجة قريبة.
قلة المعروض التي أدت إلى ارتفاع أسعار البن خلال الأشهر الماضية؛ تَعود إلى صعوبة عملية الاستيراد وتضرر محصول البُن في البلدان المصدرة له خاصة البرازيل، التي تعرضت لموجة صقيع أتلفت 25% منه، وفقا لحسن فوزي، رئيس شعبة البُن بالغرفة التجارية.
لقرابة 80 عامًا تعمل عائلة محمد عامر في هذا المجال؛ إذ يمتلكون مَحال "بن عامر" الشهيرة.. سنوات مروا خلالها بأزمات عدة لكن ليس كهذه الأيام، بحسب "محمد" (42 سنة)، الذي يوضح أن الأسعار ارتفعت خلال الأربعة أشهر الماضية فقط بنسبة 70% تقريبًا.
أدى ذلك إلى انخفاض المبيعات في محالهم بنسبة 30%، فيشير "محمد" إلى أن الشخص الذي كان يشتري كيلو بن طوال الشهر صار يكتفي بنصف فقط.
يعتمد "محمد" على البن القادم من إثيوبيا، إندونيسيا، الهند، كولومبيا، اليمن، والبرازيل. ومنذ ثلاثة أشهر، بدأ يشعر بنقص الكميات القادمة له من المستوردين، ويدرك أن الأزمة الاقتصادية قد طالتهم بقوة.
فتشهد الفترة الحالية تأخر إجراءات الموانئ المصرية فيما يتعلق بالإفراج عن البضائع لعدم توافر العملات الأجنبية الضرورية لعمليات الاستيراد وارتفاع الأسعار عالميًا. فقد قرر البنك المركزي في فبراير الماضي، وقف التعامل بمستندات التحصيل في دفع قيمة السلع المستوردة والعمل بالاعتمادات المستندية بدلاً منها باستثناء 14 سلعة.
مستندات التحصيل كانت تسمح للمستوردين بتحويل قيمة بضائعهم للموردين، بعد تقديم مستندات تطلب سداد مبالغ معينة، يحدد الطرفان قيمتها وموعد تحصيلها.
أما في حالة الدفع بالاعتمادات المستندية، فيكون البنك وسيطا بين المستورد ومورد البضائع، فيضمن للأول الحصول على سلع مطابقة للمواصفات، ويساعد المورد في الحصول على كامل حقوقه المالية فور استلام المستورد لبضائعه.
تلك الطريقة تحرم المستوردين من تسهيلات كالتقسيط وتأجيل موعد الدفع، لكن الحكومة ترى فيها حفاظًا على موارد الدولة المالية.
وجاءت تلك الخطوة بعدما خفضت مصر قيمة الجنيه بنسبة 14٪، عقب الحرب الروسية الأوكرانية وسحب المستثمرين الأجانب مليارات الدولارات من سوق السندات المصرية.
يحتاج حمادة عبد المعبود، الذي يملك شركة "بن الحبشي عبد المعبود" استيراد نحو 30 طنًا من البن بعد نفاذ الكمية الموجودة لديه الآن، لتكفي فروعه الثمانية؛ لذا يرى أن تكدس الحاويات في الموانئ هي السبب الرئيسي في الأزمة تليها مشكلة الإنتاج في البرازيل التي امتدت للعام الثاني على التوالي.
فيقول: "لم يكن هناك تأثير علينا العام الماضي.. وكان لدينا أمل أن يتحسن الوضع في البرازيل مع محصول العام الجاري لكن لم يحدث.. بل زاد علينا مشكلات أخرى".
لا يعتمد "حمادة" أو محمد عامر على البن البرازيلي في المقام الأول. لكنه- بحسب "محمد"- يدخل في توليفات عدة، لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله: "إذا غيرت النوع سيؤثر على المذاق.. وقتها سأفقد زبائني".
موجات الصقيع الاستثنائية التي ضربت البرازيل، وهي أكبر مورد لحبوب البُن في العالم، ربما لن تكون الأخيرة. فكشفت دراسة نشرتها دورية "بلوس وان" مؤخرًا أن تداعيات التغير المناخي تؤثر على زراعة حبوب القهوة وسط توقعات بأن تكون نباتات البُن أقل ملائمة للزراعة في مناطق إنتاج البُن الحالية بحلول عام 2050 بسبب تأثيرات تغير المناخ.
كما يصعب زراعة البن محليًا، كما يقول رئيس شعبة البُن بالغرفة التجارية؛ إذ يحتاج إلى درجة حرارة ورطوبة مرتفعة، لذا تستورد مصر تستورد 100% من حاجتها للبن.
والقهوة يرجع اكتشافها إلى القرن السادس؛ حيث تقول الأساطير إن أحد رعاة الغنم لاحظ حالة النشاط المفرط التي سيطرت على أغنامه بعد تناولهم لحبوب غريبة عليه، وهي حبوب القهوة. وبدافع الفضول، تناول هذا الراعي نفس الحبوب ليعيش نفس حالة النشاط. ولها نوعان تنتج تجاريًا: الأول ذو الرائحة القوية "أرابيكا"، والثاني يميل إلى الطعم المر، وهي تشكيلة "روباستا".
لدى حمادة عبد المعبود منها مخزون يكفيه لثلاثة أو أربعة أشهر بحد أقصى- حسبما يقول؛ لذا فهو على أمل الإجراءات التي أعلنتها الحكومة مؤخرًا ووصفتها بـ"الاستثنائية" لتيسير حركة الاستيراد ومنع تكدس البضائع في الموانئ، بينها الإفراج عن أي شحنات أنهت الإجراءات الجمركية، وإيقاف تحصيل الغرامات من المستثمرين والمستوردين المتأخرين في إنهاء الإجراءات بسبب المستندات المطلوبة.
لم يطمئن محمد عامر بدرجة كافية، فيرى أنه حتى إذا خرجت البضائع ستزيد الأسعار، نتيجة أعباء الأرضيات أو الغرامات التي سيدفعها أصحابها.
لكن في الوقت نفسه، يعرف أن القهوة ستباع حتى لو وصل ثمنها لألف جنيه- حسب قوله- "يأتي لي أشخاص ذوو دخل متوسط ويشترون كيلو بن يمنى بـ800 جنيه وأخر برازيلي بـ300.. فالمزاج هنا يدفع الشخص ليشتري بأي ثمن".
اقرأ أيضًا:
94 % زيادة استهلاك.. انخفاض إنتاج البن في البرازيل يهدد فنجان القهوة بمصر
فيديو قد يعجبك: