بعد الجدل بمصر.. ما هي النظم العالمية في الكشف عن حسابات البنوك للضرائب؟
كتب - مصطفى عيد:
أثار الصدام الذي حدث أمس بين البنك المركزي ومصلحة الضرائب بعد رفض الأول مقترحا يسمح لوزير المالية بالاطلاع على حسابات الشركات والأفراد بالبنوك "ممن يقدم بيانات غير واقعية"، تساؤلات حول وجود مثل هذه التجارب في دول العالم الأخرى، والنظم المعمول بها، ووضع مصر بالنسبة لها.
وقال أشرف العربي رئيس مصلحة الضرائب الأسبق وعضو مجلس النواب، لمصراوي، إن هناك 3 أنظمة دولية تتعلق بكيفية التعامل مع سرية حسابات ممولي الضرائب في البنوك منها ما يسمح فيه بإطلاع مصلحة الضرائب على الحسابات البنكية للممولين.
وأضاف العربي أن هذا النظام يحدث في الدول الكبيرة والمستقرة اقتصاديا والتي تعتبر نسبة التهرب فيها بسيطة لا تتعدى 5% من عدد الممولين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
وذكر أن النظام الثاني يشترط فيه الحصول على أمر قضائي سواء كان من قاضٍ أو من النائب العام في حالة التحقيق في قضية ما أو التحقق من التزام الممول، وعبر تقديم مستندات تؤكد ضرورة الحاجة إلى طلب الاطلاع على حسابات الممول، وينفذ في دول مثل إيطاليا وفرنسا والتي لديها مستوى التزام معقول من الممولين.
وذكر أن النظام الثالث والذي يشمل دولا منها مصر إما أنه ليس هناك فيه إمكانية للكشف عن سرية حسابات العملاء بأي شكل، أو أنه لابد من إصدار أمر من قاضٍ معين مثل رئيس محكمة الاستئناف في حالة مصر للكشف عن هذه البيانات.
ويطبق النظام الأخير في معظم دول أفريقيا وأمريكا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا وجنوب شرق أوروبا، وفقا لأشرف العربي.
وقال الخبير المحاسبي والضريبي هاني الحسيني، إن مبدأ الكشف عن سرية حسابات الممولين لمصلحة الضرائب "مستقر عالميا"، ولكن من خلال إذن من النيابة العامة أو المحكمة على حسب الحالة، وهو ما يشتمل عليه أيضا القانون المصري في حالة وجود قضية تستلزم ذلك الكشف.
وأضاف أنه في الأحوال العادية يصعب الحصول على مثل هذا الإذن لأن سرية حسابات ممولي الضرائب هي مبنية على نظم عالمية أيضا، ومصر ملتزمة بذلك في إطار سياستها الاقتصادية المرتبطة برأسمال السوق العالمي، والبنك المركزي يتصرف وفقا للقاعدة القانونية التي يلتزم بها بشأن سرية حسابات العملاء.
وأثارت تصريحات نسبتها وكالة رويترز لعماد سامي رئيس مصلحة الضرائب أمس، عن اقتراح المصلحة على وزير المالية تعديلا تشريعيا يتضمن السماح بالكشف عن الحسابات البنكية للحد من التهرب الضريبي، صداما مع البنك المركزي، حيث أعلن المحافظ طارق عامر أن المركزي لن يسمح على الإطلاق بالكشف عن حسابات العملاء للمصلحة.
ولكن سامي أصدر بيانا مساء أمس قال فيه إن ما نشر على لسانه في هذا الشأن "تمت صياغته على خلاف المقصود من التصريح"، وإن سرية الحسابات المصرفية ضمانة للمستثمرين وكافة المتعاملين مع البنوك وهذا حق أصيل للبنك المركزي.
وأشار سامي إلى أن هناك إجراءات وآليات قانونية تمكن سلطات الضرائب من مواجهة عمليات التهرب الضريبي وما يتعلق بها من الكشف عن الحسابات المصرفية.
ما النظام المناسب لحالة مصر في الوقت الراهن؟
اقترح أشرف العربي في حالة مصر أن يتم تخصيص قاضٍ متخصص في هذا النوع من الأوامر، تعرض عليه مصلحة الضرائب من خلال وزير المالية القضية والشكوك والأسباب، وفي حالة موافقته يعطيهم ترخيصا بالاطلاع، وذلك لتقليل الإجراءات المطلوبة والإسراع في حسم مثل هذه القرارات.
وأشار إلى أن مصر والدول الشبيهة لحالتها الضريبية لديها نسبة كبيرة من غير الملتزمين بدفع الضرائب، وبالتالي إتاحة سلطة الاطلاع على الحسابات البنكية لمصلحة الضرائب أو وزير المالية بشكل مباشر دون أمر قضائي، يهدد بسحب جزء كبير من الودائع من البنوك وهو ما يضر باستقرار القطاع المصرفي.
وقال هاني الحسيني إن من ممولي الضرائب التي قد تطلب المالية أو المصلحة الكشف عن حساباتهم المصرفية شركاء أجانب في شركات مصرية أو كيانات أجنبية، وبالتالي لو تم فتح الباب أمام أمام المصلحة للكشف عن سرية الحسابات سيتعارض ذلك مع سياسات الاستثمار.
وأضاف أنه يفضل أن يكون الاطلاع على حسابات الممولين عبر جهة قضائية معينة تكون مسؤولة عن هذا الأمر تقدم إليها وقائع محددة تقنعها بضرورة السماح للكشف عن الحسابات لتحقيق المزيد من التأكد بشأن تهرب هذا العميل من سداد الضرائب.
وذكر الحسيني، أن قانون الضرائب نفسه به من الوسائل التي تسمح للجهاز الضريبي التحقق من المعلومات التي يمكن التأكد بها من حدوث حالات تهرب ضريبي من عدمها، "ولابد من التعامل بحذر مع الكشف عن معلومات حسابات الممولين" .
وأشار إلى أن هناك إلزاما في قانون الضرائب للشركات الكبيرة بتقديم الدفاتر والميزانيات أو القوائم المالية التي تحتوي على حسابات الشركة في البنوك تفصيلا، إلى جانب وجود عقوبات على مراقبي الحسابات من مكاتب المراجعة في حالة إخفاء المعلومات، وبالتالي هناك من الضوابط الأخرى ما يغني عن الكشف عن سرية الحسابات.
وتابع الحسيني: "أخشى من التعسف - في حالة إتاحة سلطة الكشف عن سرية الحسابات لوزارة المالية أو مصلحة الضرائب - خاصة أن مستوى الكفاءة في العملية الضريبية ليس مرتفعا ومن الممكن أن تحمل الطابع الشخصي وليست منضبطة تماما".
وعن تطبيق مصر قانون "فاتكا" الأمريكي، والذي يتيح الكشف عن بيانات العملاء من حاملي الجنسية الأمريكية من عملاء البنوك لسلطات الضرائب الأمريكية، قال العربي إن الولايات المتحدة تمتلك أكبر اقتصاد في العالم، ومعظم التعاملات أو التحويلات التي تتم بالدولار بين الدول المختلفة تتم عبر الولايات المتحدة، وبالتالي تضطر الدول للاستجابة للقوانين الأمريكية حتى لا تتعرض للعقوبات.
فيديو قد يعجبك: