شخصيات رمضانية| الشاعرة نبيلة قنديل.. خفيفة الظل وصاحبة أغنية "أهو جه يا ولاد"
كتبت-رنا الجميعي:
خُلّدت أغانيها في الذاكرة المصرية، وكلما جاء شهر رمضان نتذكر أغانيها المبهجة بصوت الثلاثي المرح، نبيلة قنديل هي أولى شاعرات الأغنية في تاريخ مصر، ومثّلت مع زوجها الموسيقار علي اسماعيل ثنائيًا رائعًا.
تزخر تفاصيل حياة نبيلة بالعديد من المُنعطفات، تربت في عائلة مرموقة في منطقة باب الشعرية، وقيل أنها تزوجت من الممثل إسماعيل ياسين، ولكنهما انفصلا بعد ذلك، ووقعت في حب الموسيقار علي اسماعيل الذي تقدم لأسرتها، لكن تم رفضه، وهربت معه نبيلة، وانضمت بعد ذلك لفرقة غنائية برفقته، واتخذت اسمًا مستعارًا هو "سعاد وجدي"، وصارت مونولوجست، ويحفظ موقع اليوتيوب أغنية بصوتها، اسمها "ذهب مع الريح"، ومن تلحين علي اسماعيل.
وسجلت نبيلة بصوتها أغاني عديدة لدى الإذاعة المصرية، بحسب لقاء تلفزيوني لابنتها شجون، ولكن الغناء لم يكن رغبة أصيلة لديها، بل محاولة للوقوف بجانب زوجها الملحن، وحينما ثبتت أقدامه ونال بعض الشهرة، قررت الاتجاه لكتابة الأغنية "خصوصًا إنها كانت قارئة نهمة من صغرها"، وبالفعل شجّعها الملحن الكبير في ذلك "وكانت وقتها السيدة الوحيدة أمام فطاحل شعراء الأغنية المصرية".
ونجحت نبيلة في إثبات نفسها، كتبت العديد من الأغنيات الرقيقة التي لا يمكن نسيانها، وحفظت الذاكرة المصرية أغاني مثل "أرضنا العطشانة"، أغنية فيلم الأرض، وأغاني فيلم "غرام في الكرنك" بصوت الثلاثي المرح مثل "حلاوة شمسنا" و"حتشبسوت".
كانت أغاني نبيلة لها طابع خاص، تستطيع مزج الروح المصرية ببراعة، والتغني بتفاصيل خاصة من التراث الشعبي، ولذا نجحت في أغاني رمضان، فألفت أغنية "أهو جه يا ولاد" و"سبحة رمضان" و"افرحوا يا بنات"، كانت نبيلة تُحب طقوس رمضان، وتنتظر قدومه بفارغ الصبر، وباستطلاع هلال الشهر كانت تنادي بعفوية على ابنتها وبنات العم، وتقول لهم "افرحوا يا بنات"، ومن هنا جاءت الأغنية "من وقت ما هي طفلة وهي بتحب رمضان جدا، وتحب تولع الفانوس، عشان كدا أغانيها طالعة من القلب"، وكان اختيار على اسماعيل للثلاثي المرح، سناء وصفاء ووفاء، مناسبًا للطابع الخاص بأغاني نبيلة "بابا بيحب تعدد الأصوات ومزجهم مع بعض وفعلًا كانوا بيدوا بهجة وروح للأغاني".
في رمضان أيضًا كتبت نبيلة أغنية "رايات النصر"، وقتها كانت نبيل تعد السحور بيد، وباليد الأخرى تكتب كلمات الأغنية مرات عديدة، وتصعد لزوجها يراجع الكلمات، فيُقطّعها ويقول لها "وحش اكتبي تاني"، صعدت نبيلة السلم مرات عديدة، إلى أن وافق اسماعيل على الكلمات الأخيرة، فجاءت "رايحين شايلين في إيدنا سلاح"، الأغنية التي طلبها يوسف شاهين لفيلمه العصفور عام 1972، وجاءت عبقريتها كونها تحمل النصر قبل حدوثه بالفعل في حرب أكتوبر 1973.
وفي نفس الفترة كتبت نبيلة أحلى أغانيها، "أم البطل"، الأغنية الوحيدة التي ترثي فيها أم لابنها الشهيد، ولأن كلمات نبيلة دومًا ما تخرج من القلب، جاءت تلك الأغنية بذلك الشكل أيضًا، وذات يوم كانت نبيلة تحضر عزاء ابن صديقتها المقربة شريفة فاضل الذي استشهد خلال فترة حرب الاستنزاف، وتحديدًا عام 1972، وقتها تأثرت نبيلة بحزن المطربة المصرية وحُرقتها، والتي لم يكن على لسانها سوى كلمة واحدة "ابني حبيبي".
وفي منزل شريفة خلال العزاء ارتكنت نبيلة مكانًا بعيدًا، أخذت ورقة وقلم وبجانبها فنجان القهوة، وشرعت في كتابة أغنية جاءها وحيها في اللحظة "وقعدت تكتب ابني حبيبي يا نور عيني بيضربوا بيك المثل"، وحين عادت نبيلة إلى منزلها سلّمت الكلمات لزوجها، وسارع إلى البيانو وأخذ في تلحينها "واتصل بطنط شريفة وقالها عندي هدية لابنك"، ولم تُوافق شريفة فاضل على الغناء بسهولة، أخذ علي اسماعيل في إقناعها "قالها دي أغنية بتهديها لابنك ولكل شهيد"، وبالفعل اقتنعت شريفة وقامت بتسجيلها في التلفزيون المصري، وصارت الأغنية أيقونة مصرية خالصة.
فيديو قد يعجبك: