قصة زوجين في "البطرسية".. 34 سنة ولم يتعرف فرج على وجه سميحة
كتبت - رنا الجميعي:
في التاسعة إلا ربع من صباح الأحد ذهب "قلليني فرج" برفقة زوجته "سميحة توفيق" صوب الكنيسة البطرسية، لم يكن يبعد البيت عنها إلا قليلًا فيما كانت وجهتهما القداس، انفصل الزوجان، حيث اتجه فرج ناحية الجزء المخصص للرجال، وذهبت سميحة إلى باب السيدات، 34 سنة مرت على الزوجين إلا أن الانفجار المروع لم يُمكّن فرج من التعرف على ملامح زوجته بعد الحادث.
لم يتخيّل فرج أن انفجارًا سيحدث، كان مُستغرقًا أثناء العظة المُقامة، حينها سمع صوتًا قويًا، يقول الرجل الخمسيني لمصراوي "احنا في الجيش بيعلمونا لما دانة تنفجر بيحصل تفريغ هوا، هو دا اللي حصل وقت التفجير، حصل اختناق وحسيت إن دماغي هتطير"، لمّا أفاق فرج من الاغماء هرول تجاه باب السيدات، مُناديًا سميحة، إلا أنه لم يتلقى أي استجابة، شاهد أشلاء متناثرة، وجثامين مُغطّاة "لقيت عدد كبير كلهم نايمين جمب بعض ومعرفتش هي مين فيهم".
استغرق بحث فرج عن زوجته طيلة اليوم "لا كنت لاقيها مع مصابين ولا ميتين"، إلى أن أبلغه أحدهم بوجود جثة مجهولة بمستشفى الدمرداش "روحت هناك وسألوني هي دي"، لكنه احتار في الردّ "معرفتهاش، حتة ملفوفة متكومة على السرير"، سأله الأطباء "فيه علامة في جسمها؟"، دلّهم فرج إلى حسنة بوجهها كانت موجودة بالفعل، ومع ذلك لم تتمكن بنت أختها من التعرف عليها "الدكاترة قالولنا روحوا وبعدين تعالوا وقت تاني".
لم ييأس فرج من البحث عن سميحة بين المستشفيات؛ الزهراء والإيطالي ودار الشفاء، إلى أن جاءه اتصال من أحد أطباء الدمرداش مساءً أنها لازالت حية وبالعناية المركزة، حيث أفاقت السيدة الأربعينية من الغيبوبة، الإشارة كانت لغة الحوار بين فرج وزوجته "سألتها انتي سميحة؟ "هزت دماغها"، كذلك "انتي عارفاني؟" فهزت رأسها أيضًا، وتم تغيير الاسم من مجهول إلى سميحة، وتُعدّ السيدة الأربعينية ضمن 49 مصابًا بالحادث.
يصف فرج حال رؤيته إصابة سميحة "نص وشها الشمال متشال، وعينها الشمال انفجرت"، وعلى حد قول الزوج فإن مُدير المستشفى، الدكتور أيمن صلاح، أبلغه بعدد من العمليات سوف تُجرى لسميحة من ضمنها عين صناعية جديدة "وهتمشي في الشارع بعد كده ولا حد هيعرف دي صناعية ولا لا".
ثلاثة أيام مرت على سميحة ومازالت بالعناية المُركزة، نجح فرج في مناشدة المسئولين، وصدّق مكتب وزير الدفاع قرار نقل زوجته إلى المجمع الطبي بكوبري القبة لعلاج أفضل، على حد قوله، لكن مدير المستشفى أثناه عن قراره "جاب كونسلتو طبي وكل حد كان بيرشح لي الوضع"، حيث وصف الأطباء حالة سميحة "قالولي إن اللي فاضل من الدم 19%، و عندها اختناق وكان فاضلها ربع ساعة وتموت"، لذا وُضعت سميحة على جهاز التنفس الصناعي.
سنين طويلة جمعت بين الزوجين، وقبل الزواج فهما في الأصل أقارب "أمها تبقى بنت عمتي"، تربيا معًا، يذكر فرج كل سيرة حسنة لسميحة، حيث قال إنها سيدة عظيمة لا تعرف الكره "عندها كل حاجة ليها مبرر، يعني لو حد شتمني تقولي أكيد له ظروفه، ممكن يكون متضايق"، ورغم ما مرا به من خلافات لكنها كانت دومًا المُبادرة بالصلح "أبقى أنا اللي غلطان وتقولي أنا آسفة".
اليوم تحسنت سميحة قليلًا "ابتدت تصحصح شوية"، غير أنها لا تستطيع التحدث بسبب أنبوب التنفس العنقي، وفي انتظار عمليات جراحية تُنقذ حياتها.
فيديو قد يعجبك: