- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
اتصالًا بالمقال السابق، وفي مسعى لتحديد العوامل التي تؤثر بالسلب على صحة الشباب النفسية، من الضروري توضيح أن الصحة النفسية تتشكل وفقا للظروف المحيطة ولما يتعرض له الفرد بشكل مستمر من مواقف وضغوطات حياتية وفي أحيان أخرى فرص حياتية.
والسؤال المهم هنا: من يعبث بالصحة النفسية للشباب؟
وهذا السؤال لا يرتبط بالضرورة بالتفكير التآمري وأن هناك جهات تعادي الدولة تعمل على إفساد الصحة النفسية لشبابها، وهو أمر يحدث في زمننا هذا، ولكن طرحه في هذا المقال يرتبط بمراجعة تأثير المؤسسات الاجتماعية في الصحة العقلية والنفسية للشباب باختلاف ادوارهم، فمنهم من لايزال طالب جامعي ومنهم من خرج لسوق العمل ومنهم المستهلك ومنهم المنتج إلى آخره.
وهذا يعني ان الجامعة والأسرة والمؤسسات الدينية وأرباب العمل أيا كان نوعه والمؤسسات الاعلامية والشلة والأصحاب فضلا عن جروبات الفيسبوك وغيرها كلها أطراف ومؤسسات قادرة على التأثير في صحة الشاب النفسية سلبًا وإيجابًا.
والملاحظ بشكل عام أن قدرة الأسرة على التأثير في الصحة النفسية لأبنائها تتضاءل أمام تأثير منصات التواصل الاجتماعي على سبيل المثال، وذلك لأسباب متعددة بعضها يرتبط بانشغال الوالدين بكسب الرزق عن تربية أبنائهم وبعضها الآخر ناتج عن عدم تأهيل الوالدين من الاصل حول كيفية رعاية أبنائهم نفسيا .
وفي مقابل ذلك، هناك تزايد في تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للشباب، بل وللأطفال أيضا وللكبار، حتى أن إحدى المدارس في سياتل في الولايات المتحدة رفعت قضية على الشركات المالكة لمنصات الفيسبوك وتيك توك وانستجرام ويوتيوب وسناب شات لمسؤوليتها عن الإضرار بالصحة العقلية والنفسية للطلاب على نحو تسبب في تفشي القلق والاضطراب والتنمر السيبراني بينهم مما يجعل من الصعب انضباط العملية التعليمية وفرض اعباء اضافية على المدارس مع اضطرارها لتنفيذ برامج لمساعدة هؤلاء الطلاب على التعافي من الأضرار النفسية التي لحقت بهم بسبب منصات التواصل.
وتطالب المدرسة في دعواها هذه الشركات بوقف ما تمارسه من "إزعاج عام" وأن تدفع تعويضات نظير الأضرار التي تسببت فيها، وأن تدفع أيضا تكاليف برامج التثقيف الوقائي والجلسات العلاجية لمن لحقت بهم أضرار بسبب الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي التي تملكها الشركات.
وتهتم عديد من المراكز الأمريكية بالعلاقة بين معدلات الانتحار بين الشباب والفتية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ووجدت أنه الشباب البالغين الذين يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي معرضين ثلاث مرات أكثر من غيرهم للإصابة بالاكتئاب، ووفق بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CTC فإن عدد حالات الانتحار بين الفتيات اللاتي تتراوح اعمارهن بين 15 و 24 ارتفعت بنسبة 87% خلال العشرين عاما الماضية وبين الفتيان في نفس الفئة العمرية ارتفع معدل الانتحار بنسبة 30% خلال نفس الفترة.
ورغم تعدد الدراسات التي تحلل تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للشباب في الولايات المتحدة وكندا إلا أنه لا توجد دراسات مماثلة في مصر وغيرها من الدول العربية وذلك رغم ضخامة حجم مستخدمي تلك المنصات بين الشباب المصري.
ومن خلال ملاحظاتي الشخصية، يمكن الإشارة لبعض أشكال ذلك التأثير على الصحة النفسية للشباب المصري، و منها التنميط في المظهر والذوق العام وفي العبارات المستخدمة للتعبير عن الاندهاش والفرحة وغيرها من الانفعالات، فمن خلال تصفح حسابات بعض الأقارب الذين هم في سن واحد تقريبا وصفحات أصدقائهم يكاد يكون لهم نفس الذوق في الملبس وفي وضعية التصوير وفي تصفيف الشعر وفي المكياج وفي كل شيء والمختلف هو اسم الحساب. ويصاحب التنميط مساعي كثيرين خلق صور لهم على تلك المنصات ليس لها علاقة بصورهم الحقيقية، سواء من حيث محتواها حيث يتم معالجتها باستخدام الفوتوشوب وغيره او من حيث معدل تواجدهم online على هذه المنصات، على نحو يضطرهم لمشاركة كل شيء في حياتهم اليومية مع متابعهيم.
ويعد التنميط والاقتناع به سبب في عدم تشكل اي قدرة على المثابرة والسعي وراء الهدف من اجل تحقيق أي إنجاز متميز في الحياة.
ومن مظاهر تأثير تلك المنصات أيضا ضغط المقارنة المستمرة مع الآخرين، ففي ظل تزايد الوقت الذي يقضيه الشباب على منصات التواصل الاجتماعي لمتابعة "أخبار العالم"، يبدأ الشاب تدريجيا في إعادة تعريف صورته عن نفسه وتقديره لها بناء على مقارنات مع من لديه على قائمة الاصدقاء على هذه المنصات. وهذا قد يقود للشعور بعدم الثقة في النفس و بالحرمان النسبي خاصة في حالة عدم توافر القدرات والإمكانيات لدى الشاب حتى يحاكي من يقارن نفسه به، وينتج عن الحرمان النسبي الاكتئاب والكثير من السلوكيات المضطربة.
ومنها كذلك فقدان القدرة على التواصل الصحي مع البشر وجها لوجه من خلال تفاعلات حقيقية بعيدًا عن المنصات الرقمية وعن شاشة الموبايل او اللاب توب، وهذا يولد مشكلتان رئيسيتان. الاولى يظن الشاب باستمرار انه موجود من خلال هذه المنصات في فضاءات عدة ويناقش قضايا متنوعة مع قرنائه الافتراضيين من خلال هويته الافتراضية دون أن يهتم بالتواصل بمن هم حوله من أشخاص حقيقيين في المنزل أو النادي أو الجامعة، وهو ما يعبر عنه بالانجليزية بعبارة "every where but no where". والمشكلة الثانية انه أصبح استخدام الإيموجي بكل أنواعه على هذه المنصات يختصر كثير من المشاعر الإنسانية في صور وايقونات لا معنى لها ولا توطد العلاقات بين أعضاء الأسرة أو الأصدقاء أو الأقارب.
وتتضح الآثار السلبية لذلك في طلبة الجامعة الذين يخجلون من المشاركة أثناء المحاضرات بسبب عدم امتلاكهم المهارات الاساسية للتواصل الانساني، كما تتضح أبعادها أكثر عندما يخرج الشاب لسوق العمل ويضطر للتعامل وجها لوجه مع مديره وزملائه وليس من خلال رسائل الواتس اب والمسنجر.
بالاضافة إلى ذلك، تتسبب هذه المنصات في حرمان الشباب من الحياة الحقيقية والانغماس أكثر فأكثر في حياة رقمية تتحول إلى إدمان، وتلك الحياة الحقيقية بكل تفاعلاتها الايجابية والسلبية هي مختبر يوجد فيه الشاب طالما كان على قيد الحياة ويتعلم فيه كيف يواجه ضغوط الحياة وكيف يتعامل مع الفرص التي يمكن أن يحصل عليها وكيف يتغلب على مواقف الحزن دون أن يدخل في مرحلة الاكتئاب وكيف يتغلب على القلق وغيرها من الاضطرابات النفسية، وهو ما نسميه باختصار الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي.
بينما الحياة الرقمية ترتبط بالاتصال بالانترنت من خلال جهاز ما، وتفاعلاتها عبارة عن صور وفيديو وايموجي وعبارات مكتوبة ومقاطع صوتية وغيرها لا تعكس بالضرورة الحياة الحقيقية التي يعيشها الشاب، ويمكن أن تنتهي هذه الحياة الرقمية بمجرد إلغاء الحساب على منصات التواصل الاجتماعي أو انقطاع الإنترنت.
كل هذه الآثار السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للشباب هي من أسباب تدني إنجاز هؤلاء الشباب بعد خروجهم لسوق العمل، وتظل مسألة تثقيف الشباب والأطفال حول كيفية الاستخدام الواعي لهذه المنصات وبشكل إيجابي هي إجراء الحماية الحقيقي لهم، وهي حماية وقائية أقل تكلفة من أي تدخلات علاجية في حال تحول هذا التأثير السلبي لمنصات التواصل إلى محاولة انتحار أو إدمان أو اكتئاب مرضي.
إعلان